lundi 8 mars 2010

حقوق المرأة: الدولة والأهل شريكان

حقوق المرأة: الدولة والأهل شريكان




سفيان الشورابي

قال لويس آراغون أن "المرأة هي مستقبل الرجل". وطبيعي أن يسعد الرجال العرب بعد أن يعلموا أن حقوق النساء تطورت في 15 بلد من أصل 18 دولة عربية في السنوات الخمس الماضية حسب التقرير الأخير الذي نشرته منظمة "فريدم هاوس" غير الحكومية. التونسيات جئن على رأس أكثرهن تمتعا بحقوقهن لتليهن نساء المغرب والجزائر ثم لبنان بينما تتموقع اليمن في أسفل التصنيف. المناضلون- نساء ورجالا- من أجل حقوق النساء سيعتبرون أن ما تحقق يعد انتصارا. ولكن ماذا عن حقيقة الواقع؟

الأنباء الآتية من مصر مؤخرا تشكك فعلا حقيقة أن تطور حقوق المرأة في عالمنا العربي تتقدم ايجابيا. فرفض تعيين قاضية في إدارة مجلس الدولة بسبب جنسها من المؤكد أن تثير صدمة مضاعفة من ناحية أن جبهة الرافضين لم تكن آتية من جيوب رجال الدين هذه المرة فحسب، وإنما كانت صادرة كذلك من قبل أعضاء الجمعية العامة لنادي القضاة، أي جزء من صفوة المجتمع المصري. البعض منهم نبش في النص القرآني وتأويلاته لتبرير موقفه، والآخر استند على وجوبية احترام درجة وعي الشعب الذي لا يتقبل فكرة أن تتولى امرأة حل النزاعات والخلافات. شيخ أزهري قال في سياق هذا الجدل خلال ندوة عقدت بنقابة الصحافيين المصريين أن المرأة لا تستطيع أن تتولى منصب رئاسة الدولة متسائلا: "كيف تستطيع أن تحكم وتأخذ قرارات بالحرب إذا استدعى الأمر؟"! من المؤكد أن الشيخ يجهل بالتاريخ وإلا لما تفوه بهكذا سؤال. مارغريت تاتشر امرأة على حد علمنا وهي التي قررت الاعتداء عسكريا على الأرجنتين سنة 1982 لكن ربما هي سيدة معدنها من "حديد" أو أنها غير مسلمة لكي يحق لها تبوأ منصب قيادي.

الأنباء لا تبشر بخير صراحة: عشرات الآلاف من الرجال طلقوا زوجاتهم بسبب إنجابهن للبنت دون الولد، موضة تزويج الفتيات القاصرات تجتاح البلدان الخليجية، التمييز السلبي في أماكن الدراسة والعمل وفي الحق السياسي لدى جل الدول العربية، تشريعات وقوانين منافية لحقوق النساء، عنف متصاعد ضد المرأة بسبب جنسها، التحرس الجنسي، الخ. كلها معطيات لا يمكن نفيها.

المرأة العربية في عيدها العالمي ما تزال تلهث من أجل التمتع بحقوقهن الأساسية البديهية، فلا نخفي أن الجمعيات النسوية تتناسل هنا وهناك، وأن إيمان جزء من الشرائح المثقفة بمصير المعركة من أجل تحقيق هذه الأهداف يزداد بشكل ملحوظ. غير أن جدار صيني عظيم يحول أن تكون لأنشطتهم جدوى كبيرة لدى الطبقات السفلى من المجتمعات. ذلك أن الاستبداد الأبوي المزروع داخل لاوعي الشعوب العربية يجد طريقه بسهولة لدى سلوكيات الأنظمة القائمة، فمثلا الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في تونس التي تضم بضعة عشرات من نساء مثقفات يجهدن أنفسهن من أجل نشر ثقافة حقوق المرأة تتعرض إلى ما أنزل الله من سلطان من أنواع المضايقات والمحاصرة. ميليشيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بالمملكة السعودية يجدون متعة خارقة في رصد شعرة قد تخرج من تحت طيات حجاب إمرأة وجلدها. برلماني كويتي يطالب حكومته بفرض عدم مشاركة المرأة في الأنشطة الرياضية، الخ. فالدولة التي تملك آلية القهر القانوني المشروع تكون أخطر في محاربتها لصاحب حق من مجموعات أهلية لا تتبنى سوى الأفكار المناهضة للمرأة. وإذا كان من الصعب مواجهة الموروث ثقافي/حضاري المتراكم منذ عشرات السنين الذي تتداخل فيه الاعتبارات المرتبطة باللا توازن الطبقي الذي عرفته المجتمعات الإنسانية متلبسة دائما بقراءات دينية هي في الأصل تأتي لتؤبد الموجود أدت في مجملها إلى عدم الاستعداد الذهني لتقبل فكرة المساواة المطلقة بين الجنسين، فإن الحداثة وما بعدها التي رفعت من قيمة العقل لا تقبل بتاتا مثل هذه الوضعية. وفي انتظار عيد أفضل للمرأة العربية ليس لدينا سوى الكتابة من أجلهن فـ"الكتابة أخطر من القتل" على حد تعبير نوال السعداوي.